10 - 05 - 2025

وجهة نظري| اعرف عدوك

وجهة نظري| اعرف عدوك

لم تسمح لى الظروف بمشاهدة فيلم الممر ولم أتوقف كثيرا عند حملات الترويج والتسويق والدعاية له التى بدت فى كثير منها موظفة ومتعمدة ومفتعلة.. لكن ماجذبنى بحق الإنطباعات والأفكار والمواقف التى ترسخت فى عقل حفيدى الذى تسنى له مشاهدة الممر.

حالة من الحماس والقوة والتأثر كانت واضحة عليه.. سنواته الخمس لم تسعفه للسرد والحكى عن تفاصيل ماشاهده لكن إنعكس ذلك بوضوح عندما حولنا الفيلم إلى لعبة.. كان هو بطلها ضابط مصري وطنى جسور وأنا وللأسف إضطررت للعب دور الضابط الإسرائيلى.

حاولت تخمين خطط الحرب والخدع والأوامر الصارمة والتجهيز للحرب، وربما نجحت لحد كبير بعدما لاحظت تجاوب حفيدى مع كل ما أقوله، ولم يجهد نفسه كثيرا فى التفكير فى مواجهة المؤامرات وعمليات الخداع وأحبط كثير منها بخطط مضادة.. أمر جنوده المتخيلين بتكثيف التدريبات ومدهم بأحدث الاسلحة، ألغى الأجازات وقلل ساعات النوم، جعل الجميع فى حالة يقظة وإستعداد وتأهب للدفاع والحماية والهجوم المباغت إذا مالزم الأمر.

حماس مازن حفيدى الضابط الصغير الذى لم يبلغ بعد السادسة من عمره، جعلنى أشعر ليس فقط بالسعادة ولكن والأهم بالطمأنينة على جيل كنت أخشى عليه من التشتت والضياع والعجز عن تحديد العدو الحقيقى، تشتت تصنعه عن عمد أو جهل أبواق الإعلام المضللة التي لاتكف عن الهجوم على إيران وتركيا وقطر بإعتبارها ثالوث الشر والرعب والإرهاب والدمار، بينما لا تكلف نفسها أو ربما هى تتعمد تجاهل الخطر الأكبر والشيطان الأعظم والعدو الحقيقي الأبدى الذى يتربص بنا، في إنتظار لحظة إنقضاض مفاجئة ومباغتة يسلب منا مانملكه من أرض ليحقق حلمه المزعوم ووعده الكذوب بدولته المصطنعة الموهومة.

لايكف عدونا بمكره عن الحيل.. ولايكف بعض حكامنا بتواطئهم على نجاح حيله وخططه ومؤامراته.. يجيد اللعب بسياسة النفس الطويل، بينما تتقطع أنفاس بعضنا بسرعة بعدما ترهقنا صراعاتنا وإختلافاتنا وإتهامات لانكف أن نوجه سهامها لصدور اشقائنا، فتزيد الهوة والفرقة والتشتت ويصيب الوهن الجسد العربى فيسهل تمزيقه وتقطيع أواصره.

على وتر ضعفنا يجيد العدو اللعب، يلقى بقنابله الإستكشافية تتخفى أحيانا فى صورة خبر أو إشاعة أو تظهر فى صورة صفقة قرن.. مبهمة مجهولة.. لانعرف إلا القليل عن تفاصيلها، تأتينا شحيحة بين الحين والآخر بتصريح أو تسريب أو ورشة عربية تكشف عن شق اقتصادى بينما تتعمد إخفاء الشق السياسى الاهم والأخطر.

تزداد المخاوف مع تسريبات عن أراضى عربية تنتزع وشعب فلسطينى يهجر ويرحل، ودولة صهيونية تتمدد وتتوسع. مخاوف تنفيها تصريحات لقيادات عربية بينما يؤكدها واقع لعدو فاجر اغتصب الارض وانتهك المقدسات وشرد أصحاب الحق ووقف بكل وحشية يلقى إليهم بالفتات.

إسرائيل هى العدو، قناعة كانت راسخة فى عقول أجيال وأغفلتها للاسف أجيال أخرى، بفعل الترويج لأوهام سلام زائف فاقت خسارتنا فيه كثيرا هزال مكاسبنا إن وجدت.

سلام بدا غريبا حتى على عقل حفيدى الصغير المشبع بروح قتالية غرستها فيه مشاهد الممر، عندما سألنى هو إحنا دلوقتي بنحارب إسرائيل! أجبته بالنفى وبررت بمعاهدة السلام! قبل أن أضيف "لكن لايمنع أن نستعد ونشحذ هممنا وقوتنا ونسد على عدونا كل الحيل لردعه عن محاولة اغتصاب الأرض وسرقتها بالحرب أو بأكذوبة (صفقة القرن)".

اقتنع الصغير، ليت ولاة أمورنا العرب يكونون على نفس درجة حماسه ووعيه ودفاعه عن الأرض /العرض.
--------------------------
بقلم: هالة فؤاد

مقالات اخرى للكاتب

قانون الإيجار القديم .. لغم لا يحمد عقباه